من لايملك الذكاء الإصطناعي يستبدل - مقال صوتي cover art

من لايملك الذكاء الإصطناعي يستبدل - مقال صوتي

من لايملك الذكاء الإصطناعي يستبدل - مقال صوتي

Listen for free

View show details

About this listen

من لا يملك الذكاء الاصطناعي.. يُستبدل

للكاتب محمد الجدعي

في زمنٍ تتسارع فيه التقنية، وتتساقط فيه المؤسسات التي تراخت، لا مكان فيه للمترددين، إذ إن مؤسسات كثيرة، في القطاعين العام والخاص، عجزت عن اللحاق بركب الذكاء الاصطناعي، والبعض يتعامل معه كترف تنظيمي أو مشروع مؤجل. الحقيقة، كما يقولها الواقع بلا تجميل: من لا يبدأ اليوم، سيُجبر على الخروج غدًا، ولكن بشروط السوق، لا بشروطه.

مؤسسة Gartner البحثية العريقة، وهي المرجع الأبرز في التوجيه التنفيذي للتقنية في العالم، قدمت تقريرًا بعنوان Executive Summary: The Impact of AI in 2025، رسمت فيه خريطة طريق دقيقة لتبني الذكاء الاصطناعي، متكئة على سبعة أعمدة، تبدأ باستراتيجية واضحة، وتنتهي بثقافة موظفين متفاعلة. التقرير لا يتنبأ، بل يوجه، ويضع المؤسسات أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا اعتماد الذكاء الاصطناعي في صميم النموذج التشغيلي، أو الانسحاب بهدوء من مشهد المستقبل.

الأمر لم يعد يتعلق ببرمجيات متطورة أو بنى تحتية رقمية، بل بفهم المعادلة الجديدة: الذكاء الاصطناعي + الحوكمة + البيانات + الإنسان = نموذج مستدام. ووفقًا «لجارتنر»، فإن %35 من المؤسسات الكبرى ستُعيّن خلال عام رئيسًا تنفيذيًا للذكاء الاصطناعي، هذا المنصب ليس زينة هيكلية او عنوانا للوجاهة، بل مؤشر على أن التقنية باتت شريكًا في القرار، لا مجرد أداة دعم، ما يعيق هذا التحول ليس نقص الإمكانيات، بل ثلاثية قاتلة للطموح والإبداع والتطور، وهي: خوف متجذر من فقدان الوظائف، وتدريب هش وضعيف، وبيروقراطية قاتلة للحماس.

في القطاع الحكومي، التحدي هنا أعقد وأعمق، والخسارة فيه أكبر وأشمل. الذكاء الاصطناعي لا يُزاحم الموظف العام، بل يحرّره من المهام المكررة، ويعيد توجيه طاقته نحو المهام البشرية الراقية، ولا يهدد الوظائف، بل يغير طبيعتها. الواقع أن الفارق اليوم لا تصنعه البرامج ولا كثرة الأموال، بل الرؤية وسرعة التكيف. ولكن في المقابل كانت هناك إخفاقات في بعض مشاريع الذكاء الاصطناعي، لم تكن بسبب ضعف التكنولوجيا، بل كانت بسبب ضعف الفهم والقيادة والمناخ التنظيمي.

التحول الحقيقي يبدأ من «الذكاء الاصطناعي اليومي»: تطبيقات بسيطة في الموارد البشرية، الشؤون القانونية، والإجراءات الداخلية، كأن يستخدم لتصنيف المعاملات والوثائق تلقائيًا، أو تحليل عقود قانونية خلال ثوانٍ، ثم يصعد تدريجيًا إلى «الذكاء الاصطناعي التغييري»، الذي يعيد تعريف الخدمة العامة، ويجعلها أذكى، أسرع، وأدق. لا نجاح من دون رؤية واضحة، ولا تحول من دون ثقافة تنظيمية جاهزة. التقنية وحدها لا تكفي، ما يصنع الفارق هو القدرة على التفاعل معها بوعي، وتوظيفها بحكمة، أما من ينتظر، فسيجد نفسه خارج الصورة، يُستَبدل بخوارزمية أسرع، وفريق عمل أكثر استعدادًا.

وفي الختام، رسالة «جارتنر» كانت واضحة:

الذكاء الاصطناعي لا ينتظر المترددين، بل يستبدلهم.. فإما أن تصنع موقعك في المستقبل.. أو يُعاد تشكيله من دونك.

جميع الحقوق محفوظة
بودكاست بصمة رقمية
No reviews yet
In the spirit of reconciliation, Audible acknowledges the Traditional Custodians of country throughout Australia and their connections to land, sea and community. We pay our respect to their elders past and present and extend that respect to all Aboriginal and Torres Strait Islander peoples today.